ضرر مواقع التواصل الاجتماع
 

تسلل عالم افتراضي إلى حياتنا اليومية، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من هويتنا المعاصرة. هذا العالم هو عالم مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يزعم أنه يربط بين البشر ويقرب المسافات، لكنه في الحقيقة قد يكون سيفًا ذو حدين يهدد بنشر السموم في نفوسنا ومجتمعاتن ا، فباتت تأخذ حيزًا كبيرًا من وقتنا واهتمامنا. بلمسةٍ واحدة، يُمكننا الوصول إلى كل جديد ونتفاعل مع العالم بأسره. ومع ذلك، يحمل هذا الانفتاح الرقمي آثارًا سلبية تتجاوز السطح، لتصل إلى الأعماق النفسية والاجتماعية، لتكون السبب الرئيسي في تراجع الثقة بالنفس وزيادة التوتر والقلق، خصوصًا لدى المراهقين وكافة الأعمار.


هذه المواقع لا تقتصر على نقل المعلومات أو التواصل، فقد أصبحت مصدرًا مشكوكًا فيه للحقائق، ففي ظل هذا الفيضان الهائل من المعلومات والأخبار التي تنتشر بسرعة البرق، غالبًا ما نجد أنفسنا نغرق في بحر من الشائعات والأكاذيب، والتي تساهم في تشويه الحقائق وتعميق الانقسامات المجتمعية. تتغذى هذه الشائعات على عقول الشباب بشكل خاص، الذين يفتقرون إلى الخبرة الكافية للتمييز بين الحقيقة والزيف، مما يؤدي إلى تشكيل آراء خاطئة وتبني قيم غير سليمة.

وتنعكس هذه التأثيرات سلبًا على تقدير الفرد لذاته، فالتفاعل المستمر مع "الحياة المثالية" التي يعرضها الآخرون، من نجاحات
وسعادة قد تكون في كثير من الأحيان مزيّفة، يُشعر المستخدمين بعدم الرضا عن أنفسهم وحياتهم. تظهر هذه الأعراض بشكل خاص بين المراهقين الذين لم تتشكل لديهم بعد نظرة واضحة لأنفسهم، فيبدأون في مقارنة حياتهم بالآخرين، فتتراجع ثقتهم بذواتهم ويشعرون بعدم الكفاية، مما قد يُؤدي إلى اضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب. وللأسف فهناك الكثير من الفتيات المراهقات بوضع أنفسهن في مقارنة مع الآخرون من المشاهير، ويبدأن في التقليد الأعمى دون معرفة مخاطره، وجعل المشاهير نموذج يحتدى به، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن الفتيات اللاتي يقضين وقت أطول على مواقع التواصل، هم أكثر عرضة لتدني احترام الذات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإدمان على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى العديد من المشاكل الأخرى، مثل الإهمال الدراسي والمهني، وتدهور العلاقات الاجتماعية الحقيقية، حيث يُصبح البعض مرتبطين بها بشكل لا إرادي، فلا يُمكنهم التخلي عن تصفحها. تتغلغل هذه المواقع في حياتهم، لتُحوّل الأوقات الهامة إلى ساعات ضائعة لا فائدة منها، فتضعف القدرة على التركيز وتقل الإنتاجية. هذا الانغماس الشديد يؤدي إلى عزلة اجتماعية حقيقية، حيث يُفضل الكثيرون قضاء الوقت على هذه المواقع بدلًا من التواصل الفعلي مع الآخرين، مما يُعزز مشاعر الوحدة والانعزال .فبدلاً من التفاعل المباشر مع الآخرين، يفضل الكثيرون قضاء ساعات طويلة في تصفح هذه المنصات، مما يفقدهم فرصة بناء علاقات قوية ومستدامة.

من بين عيوب التواصل الاجتماعي وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين وغيرهم من المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي هي مسألة الخصوصية، والتي من أكبر مضار وسائل التواصل الاجتماعي. نظرًا للحجم الكبير من المعلومات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الخصوصية تنحسر بشكل مستمر. كما أن إمكانية تعرض المستخدمين لأنواع مختلفة من التنمر الإلكتروني من العيوب المنتشرة حاليا في وسائل التواصل لاجتماعي التى تؤثرعلى الشباب والمراهقين درجة أكبر. لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي تمتلك جوانب مفيدة، وفي خضم هذا الواقع المرير، يتوجب علينا جميعًا أن ندرك مخاطر الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وأن نعمل على تطوير وعي نقدي تجاه المعلومات التي نستهلكها. كما يجب على الآباء والمربين أن يلعبوا دورًا فعالًا في توجيه أبنائهم نحو الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا، وتعليمهم كيفية التعامل مع الضغوط النفسية التي قد يتعرضون لها.

إن مواقع التواصل الاجتماعي هي أداة قوية يمكن استخدامها إما لبناء مجتمعات أكثر تلاحمًا وتعاونًا، أو لتدميرها وتفتيتها. ولكن علينا التعامل معها بحذرٍ ووعي. من المهم أن نُدرك الحدود بين الاستخدام الصحي والاستخدام الضار، وأن نحرص على استثمار الوقت بعيدًا عن الشاشات، والاهتمام بأنفسنا وبعلاقاتنا الواقعية .والخيار بيدنا نحن. فهل سنسمح لهذه التكنولوجيا أن تستعبدنا وتدمر حياتنا، أم سنستغلها لتحقيق أهدافنا وتطوير أنفسنا؟

 

Home    Beauty   Sport   Media   Quiz   Winter

Copyright © 2024 Teen & Sport online magazine. All rights reserved